مباراة سابقة بين الفريقين
يحفل تاريخ "كلاسيكو الأرض" بين ريال مدريد وبرشلونة، قطبي إسبانيا، بكثير من صفحات الصراع، الذي تحول إلى عداء في كثير من الأوقات، لكن كيف بدأ هذا العداء؟ ومن هو صاحب شرارة هذه الحرب؟

ولا يمكن إغفال أن حدة العداء بين برشلونة وريال مدريد خفت بعض الشيء في الأعوام الأخيرة، واقتصرت المنافسة القوية على الإطار الرياضي فقط، بعدما خطف صراع "ليونيل ميسي - كريستيانو رونالدو" الأضواء بنسبة كبيرة، كما جمعت علاقة طيبة نجوم الفريقين داخل صفوف المنتخب الإسباني، في عهد المدرب السابق فيسنتي ديل بوسكي، وتستمر حتى الآن في عهد جولين لوبيتيجي.

وبالبحث عن أسباب العداء العداء التاريخي بين النادي الملكي ونظيره الكتالوني، أقرت معظم التقارير والتحقيقات، أن الأمر بدأ سياسيًا، ولأسباب بعيدة عن كرة القدم والرياضة.

ويعود الخلاف الأول إلى عام 1936، حينما وصل الجنرال فرانسيسكو فرانكو إلى حكم إسبانيا، وبدأ في اتخاذ بعض الإجراءات الصارمة ضد إقليم كتالونيا التابع له فريق برشلونة.

من هو فرانكو؟



فرانسيسكو فرانكو هو قائد عسكري، تولى حكم إسبانيا منذ أكتوبر/ تشرين الأول 1936 حتى وفاته في عام 1975، واتسمت فترته بقبضة حديدية أحكم بها سيطرته على مقاليد الحكم في جميع أقاليم إسبانيا، وخاصة إقليم كتالونيا.

وكان الصراع في إسبانيا قبل وصول فرانكو للحكم، يدور بين جبهتين إحداهما يمثلها التيار المحسوب على العاصمة مدريد، وكان فرانكو هو قائد هذا التيار، والأخرى يمثلها التيار الكتالوني.

لذلك، حينما تمكن فرانكو من هزيمة التيار الآخر وتولى الحكم، قام بعدة إجراءات صارمة ضد الإقليم الكتالوني، أشعلت الصراع التاريخي بين برشلونة وريال مدريد، حيث بدأت تلك الإجراءات بإعدام جوسيب سونال، رئيس نادي برشلونة في ذلك الوقت، لأسباب سياسية ودون محاكمة.

ثم تعاقبت الإجراءات العقابية لفرانكو على نادي برشلونة بمنع جماهيره من حمل الأعلام الكتالونية في المباريات، كما منع استخدام لغة الإقليم "اللغة الكتالونية" في سجلات النادي وتعاملاته الرسمية، وقام بتعيين أحد المقربين منه لرئاسة النادي، وهو إنريكي بينيرو.

أزمة صفقة دي ستيفانو



يعتبر أسطورة ريال مدريد، الأرجنتيني ألفريدو دي ستيفانو، محطة أخرى من محطات الصراع والعداء بين برشلونة والنادي الملكي، وبدأت أزمة دي ستيفانو، كما أكدت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، في تحقيق موسع أجرته لإقرار مدى تورط فرانكو في إنهاء صفقة دي ستيفانو لمصلحة ريال مدريد، حينما سافر في عام 1952 إلى مدريد، مع فريقه الكولومبي ميلوناريوس، لخوض بطولة ودية.

وأبهر دي ستيفانو الجميع خلال البطولة بتألقه ومعدله التهديفي الرائع، حيث كان يحرز هدفًا أو هدفين تقريبًا في كل مباراة، وأشعل تألق النجم الأرجنتيني صراعًا جديدًا بين ريال مدريد وبرشلونة للظفر بخدماته.

وتفوق برشلونة، في ذلك الوقت، على ريال مدريد، ووصل إلى مرحلة متقدمة من المفاوضات مع النادي الكولومبي لضم دي ستيفانو، وبالفعل انتقل النجم الأرجنتيني وعائلته إلى مدينة برشلونة، ولعب مباراة ودية قبل بداية الموسم مع النادي الكتالوني في صيف 1953.

وجاءت الصدمة الكبرى لبرشلونة برفض الاتحاد الإسباني لكرة القدم تسجيل دي ستيفانو في صفوفه، بسبب إقراره بعدم صحة توقيع النادي الكتالوني مع اللاعب، لرفض ناديه الكولومبي ميلوناريوس إتمام الصفقة، إلا أن برشلونة تقدم بطعن على القرار يفيد بأنه أكمل الصفقة بموافقة نادي ريفر بليت الأرجنتيني الذي يملك حقوق بيع دي ستيفانو.

وفي ذلك الوقت، كان سنتياجو بيرنابيو رئيس ريال مدريد، قد استغل الموقف، وتوصل لاتفاق مع النادي الكولومبي لشراء دي ستيفانو، ليحكم بعدها الاتحاد الإسباني بأحقية ريال مدريد في اللاعب.

وبالفعل انتقل دي ستيفانو إلى نادي العاصمة، وظهر مع الفريق لأول مرة في 23 سبتمبر/ أيلول 1953 في مباراة ودية أمام نانسي الفرنسي، وبعدها بشهر خاض الكلاسيكو الأول ضد برشلونة، وفاز فيه ريال مدريد (5-0) وأحرز دي ستيفانو 4 أهداف "سوبر هاتريك".

واتهم النادي الكتالوني بعدها، فرانكو بالتدخل في إجبار الاتحاد على إقرار انتقال دي ستيفانو إلى ريال مدريد، وكتبت صحيفة النادي "مؤامرة اتحادية غريبة بدعم فرانكو"، إلا أن أنصار الجانب الملكي نفوا ذلك، وقالوا إن النادي استغل ارتباك برشلونة القانوني، ونجح في الظفر بالصفقة.